في تغريداته اليومية عبر تويتر، لا يتوقف رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط عن مهاجمة الحكومة التي هو جزء من تركيبتها، تارةً في ملف بواخر الكهرباء، وتارةً أخرى في الضرائب التي فرضها قانون إيرادات سلسلة الرتب والرواتب، وبين الحين والآخر يصوّب على بعض الوزراء من نافذة التعيينات والتشكيلات القضائية والنفايات وغيرها من الملفات. ولكن عندما دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة لمساءلة الحكومة، غاب جنبلاط عنها، علماً أن القاعة العامة في مجلس النواب، هي المكان الطبيعي والدستوري لطرح أسئلته على الوزراء وانتقادهم حيث يجب. غاب الزعيم الدرزي عن الجلسة، ولم يقم حتى بتكليف من يختاره من نوابه، لتأدية مهمة طرح الأسئلة. ففيما غاب النائبان وائل أبو فاعور وغازي العريضي أيضًا، حضر ولفترة زمنية قصيرة النائب أكرم شهيب، ولكن من دون أن يسجل إسمه على لائحة النواب الذين طلبوا الكلام.
هذا الصمت الجنبلاطي، مردّه بحسب المصادر النيابية المتابعة الى العلاقة المتوترة القائمة منذ مدة بين رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي ورئيس الحكومة وتيار المستقبل سعد الحريري، وبسبب هذا التوتر الذي يحاول جنبلاط تخفيفه لا بل إزالته عبر سلسلة إتصالات سياسية ترصد على خط المختارة بيت الوسط، فضّل الزعيم الدرزي عدم مساءلة الحكومة، كي لا تفسر أسئلته مزيداً من الإنتقادات لحليفه السابق سعد الحريري، وكي يفسح في المجال أمام فاعلي الخير الذين أعربوا عن نيتهم بالعمل على تبديد كل ما هو خلافي بين المستقبل والإشتراكي، وعلى إعادة وصل ما إنقطع بين المختارة وبيت الوسط. وفي هذا السياق، تكشف المصادر المتابعة، بأن الإتصالات غير المباشرة بين جنبلاط والحريري شهدت في الأيام القليلة الماضية تقدماً ملموساً، الأمر الذي جعل جنبلاط يتريث أكثر فأكثر في إنتقاداته لحكومة الحريري. تقدّم قد تكون ثمرته بحسب المعلومات المتوافرة بعقد لقاء ثنائي بين جنبلاط والحريري في السراي الحكومي أو في بيت الوسط. في المقابل هناك بين الفريقين من يعتبر إن إعلان جنبلاط ترشيح الدكتور بلال عبدالله عن المقعد السني في الشوف، كان بمثابة الرسالة التي لا يمكن للحريري أن ينظر اليها إلا بمنظار إعلان الحرب الإنتخابية على تيار المستقبل وذلك لأن جنبلاط رشّح عبدالله، وهو من بلدة شحيم، عن المقعد النيابي الذي يشغله اليوم النائب علاء ترو، إبن بلدة برجا، بينما كان يجب عليه أن يرشح إشتراكياً من برجا، ويترك المقعد السني الثاني لنائب تيار المستقبل محمد الحجار وهو من بلدة شحيم.
لكل ما تقدم، فضّل جنبلاط في هذه المرحلة مهادنة الحكومة لا مساءلتها، مسايرتها لا مهاجمتها، الغياب عن الجلسة النيابية لا الحضور الى ساحة النجمة، لأنه لو حضر، لكان الهدف من الحضور الكلام لا الصمت.
ومن اليوم وحتى جلسة المساءلة المقبلة التي وعد بري بانعقادها في أوائل أيلول المقبل، علينا متابعة تطور الإتصالات بين جنبلاط والحريري، لمعرفة ما إذا كان الزعيم الدرزي سيخرج عن صمته في الجلسة المقبلة، أم أن إنتقاده للحكومة سيتحول إشادات ومديح.